
إذا كنت تقرأ الأوراق البحثية بانتظام، فقد تلاحظ بعض العبارات الغريبة أو المضحكة التي تخالف الاستخدام المعتاد للغة. مثل “الوعي المزيف counterfeit consciousness” بدلاً من “الذكاء الاصطناعي artificial intelligence” أو “التعلم الآلي المتقدم” بدلاً من “التعلم العميق”. هذه الأمثلة تسمى بالعبارات المعذبة (Tortured phrases): وهي عبارات غير متوقعة وغريبة تحل محل العبارات الأصلية، والتي قد تشير إلى أن النص تم إنشاؤه أو إعادة كتابته باستخدام نماذج لغوية اصطناعية مما يؤدي إلى صعوبة فهم المعلومات المقدمة في الأوراق العلمية.
ففي ورقة بحثية نشرت عام 2021م في مستودع arXiv بعنوان (Tortured phrases: A dubious writing style emerging in science. Evidence of critical issues affecting established journals) قدم ثلاثة باحثين مفهومًا جديدًا يسمى بالعبارات المعذبة قد تكون ولدت نتيجة لخطأ في نموذج اللغة أو بسبب إعادة كتابة النص باستخدام أدوات على الإنترنت. ففي كلتا الحالتين، فإن وجود هذه العبارات يشير إلى أن النص ليس أصيلًا.
وطبقًا لما ذكر في البحث، فإن الباحثين قاموا بتمشيط المجلات العلمية للبحث عن “Tortured phrases” ودرسوا مجلة معروفة تركزت هذه العبارات فيها بكثافة. وافترضوا استخدام نماذج اللغة المتقدمة في الأوراق المنشورة، حيث استخدم الباحثون هذا المفهوم للكشف عن حالة مثيرة للقلق من اختراق مجلة علمية مرموقة بالأوراق التافهة أو المزورة. يشتبه في أن بعض المؤلفين استخدموا نصوصًا مولدة أو معاد كتابتها لإضافة حجم إلى أوراقهم، والتي تجاوزت بسهولة مجهر عملية المراجعة الندية الضعيفة.
في الواقع تثير هذه الورقة قضية هامة بخصوص تهديد سلامة النشر العلمي. فكيف يمكن للباحثين والمحررين والقراء التمييز بين النصوص الحقيقية والزائفة؟ وكيف يمكن منع اختراق نظام النشر بالأوراق التافهة أو المزورة؟ أيضاً كيف يمكن حماية حقوق المؤلف والسمعة للباحثين الأصليين؟
ختاماً، على الرغم من أن هذه الورقة البحثية قد كشفت الستار عن بعد جديد في النشر العلمي، إلا إن التطبيقات العملية لهذا البحث تتمثل في زيادة الوعي بالمنشورات التي تحتوي على نصوص مشكوك فيها أو المعاد كتابتها بواسطة الذكاء الاصطناعي والتي اجتازت عملية مراجعة الأقران الضعيفة، مما يهدد نزاهة المجلات العلمية . بالإضافة إلى السعي لتحسين جودة المجلات العلمية والحفاظ على نزاهتها من خلال التحقق من صحة المقالات المنشورة والكشف عن المقالات المزيفة باستخدام الأدوات الحديثة.