الطريق إلى السوق في مجال تقنية المعلومات

it-market
خلال قيامي بتحكيم الأوراق العلمية المقدمة لمؤتمر (SIGITE) لهذا العام والمتخصص بمجال تقنية المعلومات وتعليمه وقع في يدي ورقة علمية بعنوان (Commercialization and the Academy)، ودونا عن سواها من الأوراق المسندة لي للتحكيم بدت لي الورقة وكأنها تذكر حقائق في قطاع سوق تقنية المعلومات لطالما آمنت بها ولكن لم تخرج بعد لحيز التنفيذ محليا بالشكل المطلوب.

من ضمن هذه الحقائق:
1) التحول للاقتصاد المبني على المعرفة يتطلب التركيز على الأبحاث التطبيقية (applied research) والتي تستقي دعمها من القطاع الصناعي والتجاري وأيضا أفكارها وحلولها من حاجات المجتمع المحلي.

2) في الجامعات الغربية يملك الطلاب حقوق الملكية الفكرية (Intellectual Property) لجميع المشاريع التي يقدمونها في مقرراتهم، وهذا حافز مهم للطلاب للابداع والتميز في تقديم حلول جادة في تقنية المعلومات.

3) الطلاب قادرون على المساهمة في مشاريع برمجية كبيرة بعد سنتين من انخراطهم في برنامج البكالوريوس في تقنية المعلومات، وهذا فعلا ما لمسته في مجموعتنا البحثية، فبعد أن تنهي الطالبة المستوى السادس في تخصص تقنية المعلومات تصبح لديها المهارات البرمجية الكافية للقيام بالعمل على مشاريع برمجية بأفكار وأدوات جديدة لم يسبق لها أن تعلمتها (ما شاء الله لا قوة الا بالله).

يعزز الكلام الذي ذكرته سابقا ما تم تداوله في اجتماع لي مع أحد الجهات غير الربحية الاسبوع الماضي حول إمكانية خلق فرص عمل لخريجات تقنية المعلومات عبر الحاضنات التقنية التي تخدم قطاعات حيوية تلبي احتياجات المجتمع المحلي. فخريجاتنا اليوم بحاجة إلى التمكين أكثر من أي يوم مضى. وبهذا الصدد، أحيلكم إلى كلمة معالي الدكتور عبد الله العثمان في حفل تخرج الدفعة الثانية لمدارس التعلم الأهلية والتي ركز فيها على متطلبات المرحلة الحالية والحاجة إلى استبدال كلمة التوظيف بالتمكين!.

أياً كانت النظرة المجتمعية على الوظائف الدائمة والتي تحقق الأمان الوظيفي إلا أنه حان الوقت للخروج من مظلتها  لفضاء أكثر فسحة وتحدياً، فمتطلبات زمننا الآن يختلف عما كان عليه قبل عشرين عاماً ولم تعد الوظائف كما كانت سابقاً. إلا أنه من يملك مفاتيح التميز والإبداع والجرءة والشجاعة سيجد حتماً طريقه لسوق تقنية المعلومات!!

مشروع أريب (ARIB) من فكرة محلية للمنافسة العالمية

تعود أحداث نشأة مشروع أريب (ARIB) ليوم 18 ديسمبر 2014م (اليوم العالمي للغة العربية)، حينما شاركت مجموعة إيوان البحثية  بالاحتفال باليوم العالمي للغة العربية. فقبل ذلك اليوم تم نشر تغريدة عبر حساب المجموعة البحثية في تويتر لاقتراح أفكار تقنية لإثراء اللغة العربية، وقد وصلت المجموعة حوالي 18 فكرة تم تصفيتها إلى ثلاثة أفكار مرشحة وكان من ضمنها فكرة موقع تصحيح القواعد الإملائية والنحوية للأستاذ عبدالله الصقعبي المتخصص في تقنيات التعليم بجامعة الملك عبدالعزيز.
اجتمع فريق من عضوات المجموعة البحثية مكون من أ. نوف الشنيفي (معيدة بالكلية) و أ.رحاب النفيعي (طالبة ماجستير) ود.مها اليحيى وأنا، لتداول الفكرة المقترحة ودراسة مدى إمكانية تحقيقها. واستمرت الاجتماعات الدورية بين أعضاء الفريق حسب جدول زمني وخطة بحثية محددة، إلى أن جاء ذلك اليوم والذي قررنا فيه أن يكون توجه المشروع بحثي تنافسي عبر المشاركة في منافسة دولية تدعى (Second Shared Task on Automatic Arabic Error Correction) التابعة للورشة الدولية لمعالجة اللغة العربية والتي علمت عنها من الزميل د.نزار حبش. حينها زادت جرعة الحماس في فريق المشروع لإنجاز مخرجات النظام حسب المعايير المطلوبة للمنافسة.

تتمثل فكرة هذه المنافسة الدولية في عامها الثاني حول ارسال مصادر لغوية لنصوص عربية تحتوي على الكثير من الأخطاء الإملائية الشائعة وغير الشائعة، وعلى الفريق المشارك القيام بتصحيح هذه النصوص آلياً باستخدام خوارزميات مختلفة للوصول لأعلى نسبة من الدقة.

استندنا في نظام أريب على خوارزميتين لم تستخدم من قبل للغة العربية هما (Probability-Based Spelling Corrector) و (Distance-Based Spelling Corrector) هذه الخوارزميات وعلى بساطتهما لم تستخدم من قبل لمعالجة الأخطاء الإملائية للغة العربية. ويوضح الرسم في الأسفل خطوات عمل النظام والأنظمة المختلفة التي تم توظيفها للحصول على الناتج النهائي.

وصف لهيكلة نظام أريب

شكل 1: خطوات عمل نظام أريب للتصحيح الإملائي

ولما قارب وقت تسليم مخرجات النظام للمنافسة، كان لزاماً علينا القيام باختيار اسم أو رمز للنظام بالانجليزية لا يتعدى الأربعة أحرف -حسب شروط المنافسة-، ووقع اختيارنا على كلمة أريب (ARIB) والتي تعني الشخص الماهر أو الحاذق (معجم المعاني). وكان الشعور الذي راودني في حينه والذي دائما ما كنت أردده على الفريق بأن سيكون لأريب شأن بإذن الله تعالى.
ولما وصلتنا نتائج ترتيب الفرق المشاركة وجدنا أن أريب قد أبلى بلاء حسنا ولله الحمد وتبوء مراكز مشرفة في هذه المنافسة الدولية كأول مشاركة نوعية للمجموعة البحثية في هذا المجال.

من خلال هذه التجربة والتي أحب أن أطلق عليها “مغامرة بحثية” تبين لنا أن أحد عوامل الدفع بحركة البحث العلمي هو الرغبة في المشاركة في منافسات دولية والتي تساعد على صقل مهاراتنا البحثية ومقارنة مخرجاتنا مع نظرائنا في الدول الأخرى.

تعليق أخير: سنتيح قريباً بإذن الله الورقة الكاملة للنظام حال نشرها في موقع المؤتمر، كما أن على الراغبين بالاستفادة من قاموس المفردات الكبير الذي تم انتاجه من هذا المشروع زيارة حساب مجموعة إيوان في خدمة GitHub.

خارطة الطريقة لمجال الحوسبة البشرية

صورة تعبيرية عن الحوسبة البشرية

صورة من موقع (technology review)

نشرت مجلة (technology review) مقالة حديثة عن ازدهار مجال الحوسبة البشرية (Human Computation) بين أوساط الباحثين وذلك لحل المعضلات التي لا يستطيع الحاسب الآلي حلها مهما بلغت درجة ذكاءه الاصطناعي.

يتمثل مفهوم الحوسبة البشرية حول الاستفادة من قدرة البشر المنطقية لحل مشكلة محددة يتم تقسيمها إلى أجزاء صغيرة وتوزيعها بين عدد كبير من البشر عبر منصات معروفة مثل منصة أمازون المسماة (Mechanical Turk) و بيئة (Duolingo). وقد أثبت مفهوم الحوسبة البشرية جدواه في مجالات علمية عدة مثل معالجة اللغة وعلم الجينويم والكوارث وغيرها.

ومؤخراً اجتمع عدد من العلماء البارزين في علوم الحاسب لتحديد خارطة الطريق البحثية لهذا المجال الواعد. وتولد من هذا الاجتماع مسودة لأفكار بحثية خلاقة تسهم بشكل أو بآخر في حل العديد من المشاكل الصحية والاجتماعية التي تعتري العالم اليوم. أنصح بالإطلاع على هذه المسودة والتي قد تسهم في تحديد توجهات بحثية للباحثين المبتدئين وطلبة الدراسات العليا.

كما تجدر الإشارة إلى أن معهد قطر لبحوث الحوسبة تعتبر سباقة في هذا المجال على مستوى العالم العربي، ونتطلع للحاق بهم (بإذن الله) عبر تضافر جهود عضوات مجموعة إيوان البحثية.