تحول إلى إنسان خارق مع الذكاء الاصطناعي!

في عالم اليوم الذي يتسم بالتطور التقني المتسارع والمعرفة المتزايدة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز قدرات الإنسان ويجعله أكثر كفاءة وفعالية في مختلف المجالات. ويلوح تساؤلات في الأفق عن كيفية الاستفادة من الازدهار الحاصل في الذكاء الاصطناعي لزيادة انتاجيتك والحفاظ على وقتك ومالك؟ أو بصيغة آخر، هل بالإمكان الحصول على مساعد شخصي ذكي مجاناً يساعدك في إنجاز مهامك المختلفة؟

في هذه التدوينة، سأشارك معكم كيف يمكن استخدام Bing و ChatGPT كمساعدات شخصية لتوفير الوقت والجهد.

بينغ Bing هو محرك البحث الشهير من مايكروسوفت، و ChatGPT هو تقنية الذكاء الاصطناعي من OpenAI التي تمكّن بينغ من التحدث إلى المستخدمين بطريقة حوارية وإبداعية.

بينغ و ChatGPT ليسا مجرد أدوات ذكاء اصطناعي عادية. إنهما قادران على فهم سياق أسئلتك وإعطائك إجابات دقيقة ومفصَّلة. كما أنهما قادران على توليد نصوص جديدة بناءً على طلباتك، مثل كتابة القصائد، والرسائل، والملخصات وغيرها.

ولكن كيف يمكن لهذين الأداتين من توفير الوقت والجهد؟

تخيل معي السيناريو التالي: لو طلب منك القيام باقتراح نموذج تجاري لخدمة معينة وتنفيذ نموذج أولي لها، كم سيأخذ منك مثل هذا العمل؟ قد تقول عدة أسابيع أو أيام، لكن الواقع الآن أنه يمكن القيام بذلك في سويعات قليلة وذلك بالاستعانة بالمساعدات الشخصية الذكية بينغ و ChatGPT.

يمكن الطلب من ChatGPT أن يقترح لك نموذج تجاري للخدمة ومن ثم تتوجه لبينغ ليسترجع لك قائمة المنافسين، ويقوم بالتحليلات السوقية، والتقارير المالية وغيرها من المعلومات التي تحتاجها لإطلاق خدمتك. ثم تعود إلى ChatGPT لتوليد نصوص إعلانية وتسويقية، وبرمجة نموذج أولي لموقع الخدمة.

وعلى الصعيد ذاته، يمكن لكل من بينغ و ChatGPT مساعدة المعلمين والأكاديميين في أتمتة بعض المهام الروتينية بشكل فعال، كتحضير الدروس وعمل النشاطات والاختبارات، وتوفير دعم شخصي للمعلمين عن طريق الإجابة على أسئلتهم ومساعدتهم في تخطيط الدروس وتقييم أعمال الطلاب وتزويدهم بالملاحظات، أحيلكم على المقال التالي للمزيد من الأفكار [1].

الجدير بالذكر بأن بينغ و ChatGPT ليستا الأداتان الوحيدتان في الساحة إلا أنهما الأشهر حالياً! في المقابل، توجد عشرات الأدوات المبنية على الذكاء الاصطناعي والتي تنتج بوتيرة متسارعة كل يوم لخدمة مهام محددة مثل كتابة المحتوى ومونتاج الفيديو وتحليل البيانات وغيرها. مثل هذه الأدوات تعزز من قدراتنا كبشر وتوفر علينا الكثير من الوقت والمال.

ختاماً، بالاستفادة من هذه الأدوات والمساعدات الشخصية الذكية، يمكنك إنجاز أعمالك في زمن قصير جدًا، وبتكلفة منخفضة، وبجودة عالية. كما ستلاحظ كيف سيوفران عليك الوقت والجهد والمال، ويزودانك بالمعلومات والأفكار التي تحتاجها، ويرفعان من مستوى إنتاجيتك وإبداعك! باختصار هنا تكمن قوة التقنية التي ستغير حياتنا إلى الأفضل وتصنع نسخة أفضل من أنفسنا.

مصادر:

[1] Todd Finley. 6 Ways to Use ChatGPT to Save Time. March 13, 2023

[2] Minkyu Shin Jin Kim Bas van Opheusden Tom Griffiths. Superhuman Artificial Intelligence Can Improve Human Decision-Making by Increasing Novelty. 2022.

كيف يتأقلم الباحث الأكاديمي مع ثورة النماذج اللغوية الضخمة؟

في عصر تقنية المعلومات، تزداد أهمية وقوة اللغة كأداة للتواصل والإبداع والابتكار. وفي هذا المجال، تشهد التقنيات المستخدمة لفهم وإنشاء النصوص تطورًا مذهلاً بفضل تقدم مجال الذكاء الاصطناعي. فقد ظهرت في السنوات الأخيرة نماذج لغوية ضخمة قادرة على توليد نصوص سلسة وسليمة من حيث المضمون والشكل والتي أحدثت تغييرا جذريا في مجال البحث الأكاديمي. بالنظر إلى هذا التطور السريع، يواجه الباحث الأكاديمي تحديات جديدة للتأقلم مع هذه الثورة واستخدامها بشكل فعال في أبحاثه. وفي هذه التدوينة سنناقش بعض النصائح والإرشادات لمواكبة هذا التطور.

أولاً، يتطلب التعامل مع النماذج اللغوية الضخمة موارد حاسوبية هائلة وقدرات تخزين عالية. فالباحث الأكاديمي قد يواجه صعوبة في تأمين هذه الموارد، خاصة إذا كان يعمل في مؤسسة تعليمية ذات ميزانية محدودة. لذا، يجب على الباحث أن يبحث عن طرق بديلة لتحسين قدراته على التعامل مع هذه النماذج، مثل استخدام الحوسبة السحابية أو التعاون مع الجهات الأخرى.

ثانياً، يتعين على الباحثين تطوير مهارات جديدة ضرورية للتعامل مع هذه النماذج اللغوية الضخمة. مهارات التحليل اللغوي والقدرة على التعامل مع البيانات النصية الكبيرة أصبحت ضرورية لفهم واستخدام هذه النماذج بشكل صحيح. إن تعلم لغات برمجة مثل بايثون وتعلم كيفية استخدام أدوات تحليل البيانات هو أيضاً جزء ضروري من هذا التأقلم.

ثالثاً، يجب على الباحثين التعامل مع كمية المعرفة الهائلة المتاحة حول هذه النماذج اللغوية الضخمة واستيعابها. يتطلب هذا التأقلم قراءة الأبحاث الأكاديمية الحديثة ومتابعة المؤتمرات المتخصصة في هذا المجال. من خلال هذه المتابعة المستمرة، يمكن للباحث أن يكتسب فهماً أعمق لهذه النماذج ويكتشف طرقاً جديدة لتطبيقها.

رابعاً، يلزم أن يكون للباحث الأكاديمي رؤية مستقبلية لكيفية تطور هذه النماذج اللغوية الضخمة وأثرها على مجال البحث الأكاديمي. يجب أن يكون لديه القدرة على التنبؤ بالتطورات القادمة وتحديد كيف يمكن استخدامها في أبحاثه الحالية والمستقبلية.

أخيراً، يتعين على الباحث الأكاديمي التعاون مع زملائه من مختلف التخصصات للتأقلم مع هذه الثورة اللغوية. على سبيل المثال، يمكن للباحثين في مجال العلوم الاجتماعية أن يستفيدوا من الباحثين في مجال العلوم الحاسوبية لفهم تفاصيل النماذج اللغوية الضخمة وتطبيقها في بحوثهم.

في الختام، يواجه الباحث الأكاديمي تحديات كبيرة للتأقلم مع ثورة النماذج اللغوية الضخمة. لكن من خلال تطوير مهارات جديدة، ومتابعة المستجدات في المجال، والتعاون مع الزملاء، يمكن للباحث الأكاديمي تحقيق التأقلم المطلوب والاستفادة من هذه الثورة اللغوية في أبحاثه!

الفرق بين الذكاء الإصطناعي المرتكز على البيانات والمرتكز على النماذج


صورة من موقع https://landing.ai/data-centric-ai/

تعتبر البيانات (Data) والنماذج (Model) هما أساس أي نظام مبني على الذكاء الاصطناعي، فكلاهما يقومان بمهمة محددة ولا يمكن الاستغناء عن أحدهما دون الآخر! ولكن يبقى السؤال في أيهما يتم التركيز عليه أكثر عند بناء الأنظمة الذكية؟

في الحقيقة، ظهر توجه جديد نوعًا ما خلال السنتين الماضيتين باسم الذكاء الاصطناعي المتمحور حول البيانات (Data-centric AI) ويشير إلى النهج الذي يركز على جمع وتحليل الكميات الكبيرة من البيانات لتدريب النماذج الذكية. يستخدم هذا النهج في العديد من التطبيقات مثل معالجة اللغة الطبيعية والرؤية الحاسوبية، حيث يتطلب الكثير من البيانات المصنفة لتدريب النماذج التي تفهم وتترجم النصوص والصور.

يتطلب بناء أنظمة وتطبيقات تتمحور حول البيانات على ثلاثة عناصر رئيسية هي:

  1. التركيز على البيانات وحجمها وجودتها فهي المحور الأساسي في النظام.
  2. جمع البيانات ومعالجتها وتوسيمها بشكل آلي.
  3. إشراك الخبراء المختصين في المجال الدقيق للبيانات كجزء في عملية تدقيق البيانات وتوسيمها.

في المقابل، نجد أن الذكاء الاصطناعي المتمحور حول النماذج (Model-centric AI) يركز على تطوير النماذج الرياضية الذكية وخوارزميات التعلم الآلي لبناء نماذج عالية الجودة للتعلم الآلي والتي يمكن استخدامها للتنبؤ واتخاذ القرارات. ويستخدم هذا النهج في العديد من التطبيقات مثل التمويل، حيث يتم تطوير النماذج للتنبؤ بأسعار الأسهم أو الكشف عن الغش وغيرها، ويعتبر هذا النهج هو المتسيد في الساحة خلال السنوات الماضية.

لماذا نحتاج إلى الذكاء الاصطناعي المرتكز على البيانات؟(1)

يتمثل “شعار” الذكاء الاصطناعي التقليدي المرتكز على النماذج في تحسين نواتج النماذج المعقدة وذلك باستخدام مجموعات بيانات أكبر لتحقيق مكاسب في الأداء. إلا أن هذه الطريقة قد تكون نافعة في مجالات معينة مثل الإعلام إلا أنه يواجه تحديات في مجالات أخرى مثل الرعاية الصحية، وتشمل هذه التحديات ما يلي:

  • نقص في حالات بيانات التدريب. هذا غالبًا ما يؤدي إلى نتائج مخيبة للآمال.
  • فاتورة ضخمة. يتطلب الذكاء الاصطناعي الحالي المرتكز على النماذج مجموعات بيانات ضخمة وموارد حاسوبية باهظة الثمن لتحقيق مكاسب في الأداء. بالمقابل، يركز الذكاء الاصطناعي المرتكز على البيانات على جودة البيانات بدلاً من الكمية ولا يتطلب موارد حاسوبية باهظة الثمن.
  • نتائج أقل موثوقية وعدالة. من خلال إعطاء الأولوية لجودة البيانات في نهج الذكاء الاصطناعي المرتكز على البيانات، فإننا سنحصل على فرصة أفضل للقضاء على تحيز البيانات من خلال التحليل الدقيق.
  • مجموعة معقدة من النماذج. يتطلب نهج الذكاء الاصطناعي المرتكز على النماذج نماذج متخصصة للتعامل مع المهام الدقيقة، مما يؤدي بالمنظمات إلى تجميع العديد من مجموعات البيانات والعديد من النماذج. يساهم هذا أيضًا في التكلفة المرتفعة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي: قد يكون من الصعب توفير بيانات كافية للتعامل مع كل مشكلة صغيرة (مثل اكتشاف الأخطاء في العديد من سلع التصنيع المختلفة).

    ختاماً، لدى كلا المنهجين فوائدهم وعيوبهم الخاصة ويعتمد اختيار النهج الذي يجب استخدامه على نوع المشكلة والتطبيق المطلوب. ففي الوقت الذي تسأل فيه (Model-centric ) عن كيف يمكنك تغيير النموذج لتحسين الأداء، تسأل (Data-centric) كيف يمكنك تغيير أو تحسين بياناتك لتحسين الأداء.

    وللاستزادة حول الذكاء الاصطناعي المرتكز على البيانات يمكن زيارة بوابة (Data-centric AI) والتي كانت نتاج ورشة أقيمت في مؤتمر NeurIPS عام 2021م.