استمطار الأفكار البحثية

قد يعرف البعض منكم مصطلح “استمطار” والذي يستخدم في عملية تعديل الطقس المتعمدة لزيادة هطول الأمطار أو الثلوج من الغيوم بواسطة تشتيت مواد في الهواء تعمل كمكثفة للغيوم. إلا أن الاستمطار الذي أقصده في هذه التدوينة هو من نوع آخر وهو ما يتعلق بالأفكار! فاستمطار الأفكار البحثية هي عملية إبداعية تهدف إلى توليد أفكار جديدة ومبتكرة لموضوعات بحثية محتملة. يمكن أن تساعد هذه العملية في تحديد الفجوات والتحديات والفرص في مجال معين من المعرفة، وفي تطوير مشاريع بحثية مثيرة للاهتمام وذات قيمة علمية واجتماعية.

يمكن للأفكار البحثية الجديدة أن تنبثق من العديد من المصادر، مثل الدراسات السابقة، والأوراق العلمية، والمناقشات مع الزملاء والخبراء في المجال. وهناك العديد من الطرق والاستراتيجيات لاستمطار الأفكار البحثية، منها استراتيجية سكامبر (SCAMPER) وهي تقنية إبداعية تستخدم منهجيات لتغيير أو تحسين المنتجات أو الخدمات، وترمز حروفها إلى: التبديل (S) ، الدمج (C) ، التكيف (A) ، التعديل (M) ، الإضافة (P) ، الإزالة (E) ، الإعادة (R). كما يمكن استخدام تقنيات مختلفة لتحفيز عملية استمطار الأفكار، مثل القراءة والبحث في الأدبيات العلمية ذات الصلة، وحضور المؤتمرات وورش العمل، والمشاركة في مناقشات مجموعات البحث.

يضاف إلى ذلك أدوات خلاقة تسهم بشكل أو آخر في استمطار الأفكار، منها Google Trends هو أداة تساعد الباحثين على استمطار الأفكار البحثية بإظهار تطورات البحث على Google حسب المواضيع والكلمات المفتاحية والمناطق والفترات الزمنية، وتمكينهم من اكتشاف المواضيع الشائعة والرائجة، وتحديد الاتجاهات والتغيرات في الاهتمام، واستكشاف العلاقات بين المواضيع المختلفة، وتوليد أسئلة بحثية جديدة أو فرعية.

أداة أخرى مفيدة هي Dimensions.ai حيث تساعد الباحثين على استمطار الأفكار البحثية بتوفير قاعدة بيانات علمية تربط بين الأبحاث والمنح والبراءات والبيانات وغيرها، وتمكينهم من البحث عن الأبحاث والبيانات المتعلقة بموضوع معين، واستخدام ميزات البحث القوية والرؤى التحليلية للخروج بأفكار جديدة!

طبعاً هناك الكثير من الطرق الأخرى التي لم أغطيها في هذه التدوينة القصيرة والتي تعتمد على المجال البحثي المحدد! ويبقى أن أذّكر، بأن تطوير وتنمية الأفكار البحثية تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز فهمنا للعالم وتقدم المعرفة العلمية. واستخدام تقنيات استمطار الأفكار البحثية بشكل منهجي وابتكاري، سيمكننا من تحقيق مزيد من التقدم والابتكار في مجالات البحث المختلفة.

بناء مجموعة مهارات صديقة للذكاء الاصطناعي

لتكون شخصاً مرناً مهنياً ومستعداً للتعامل مع التغييرات في سوق العمل، يجب عليك المواصلة في البحث عن المعرفة. عليك البحث عن التحديات الجديدة واستغلالها لتحسين مهاراتك ومعرفتك. يجب أن تسعى لتجديد مهاراتك باستمرار وتطوير مجموعة القدرات التي تجعلك مستعداً للتغييرات المتسارعة في سوق العمل وتمكنك من التعامل مع مهام جديدة ومتنوعة، والتي تزيد من قيمتك كموظف.

مستقبلك المهني يبدأ بعقلية التعلم وعقلية التعلم تبدأ بالتقييم الذاتي المستمر. لذلك، اسأل نفسك، “ما هي المعارف والمهارات الجديدة التي أحتاجها وأرغب فيها لأكون مرنًا في بيئة عمل متغيرة؟” ثم اسأل، “كيف أحصل على هذه المهارات؟” قد تفكر في الالتحاق بدورات للحصول على فهم محدد أو معرفة متخصصة في مجالات مثل تحليل البيانات أو البرمجة أو هندسة الأوامر (prompt engineering).

إن بناء المهارات الرقمية تساعد على فهم طريقة عمل الذكاء الاصطناعي وإستخدامه بشكل أفضل. كما يساعدنا على تطوير قدرتنا على التعلم باستمرار والابتكار والتعاون مع الآخرين في بيئة رقمية.

هذه المهارات قد تعزز القدرات التي تقدمها لوظيفتك الحالية وستجهزك لدور جديد كلياً. فبمجرد استخدام متصفح ويب، يمكنك البدء في تجربة الأدوات الجديدة للذكاء الاصطناعي التوليدي. فأداة مثل ChatGPT يمكن أن تساعدك في التغلب على عقبة الكتابة أو صياغة بريد إلكتروني لشخص ما. أيضاً قد توفر لك أدوات مايكروسوفت بينغ Bing وجوجل بارد Bard نفس المساعدة ولكن بمنظور مختلف. كما يمكنك إضفاء الحيوية على عرض تقديمي برسم يولده الذكاء الاصطناعي بواسطة أداة مثل Dall-E.

إن بناء مجموعة مهارات صديقة للذكاء الاصطناعي يتطلب الاستعداد للتعلم المستمر والتحسين الشخصي. استغل التحديات الجديدة وابحث عن الفرص لتطوير مهاراتك الرقمية وفهمك للتقنيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. اكتسب المعرفة والمهارات المطلوبة في مجالات مثل علوم الحاسب والرياضيات وتقنيات التعلم الآلي. قم بتطبيق هذه المهارات عن طريق المشاريع والتجارب العملية.

استفد من الموارد التعليمية المتاحة عبر الإنترنت والدورات التدريبية لتطوير معرفتك ومهاراتك في مجال الذكاء الاصطناعي. تواصل مع مجتمعات الذكاء الاصطناعي وشارك في النقاشات والمشاريع المشتركة لتوسيع شبكتك المهنية وتبادل المعرفة مع الآخرين.

لا تنسَ أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية، بل هو أداة قادرة على تحقيق التغيير والابتكار في جميع جوانب الحياة والعمل وإتقان استخدام هذه الأدوات يمكن أن تعطيك ميزة تنافسية في سوق العمل.

ختاماً: ابنِ مجموعة مهارات صديقة للذكاء الاصطناعي لتكون على استعداد للمساهمة في بناء مستقبل زاهر تسهم في تطوره بشكل إيجابي.

لحظة الانهيار النموذجي: عندما يتدرب الذكاء الاصطناعي على محتوى من إنشائه

حقبة الذكاء الاصطناعي التوليدي قد بدأت وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من الشركات الرائدة في العالم، واعتمد الكثير من الموظفين على هذه التقنية في أعمالهم اليومية. ولكن، مع ازدياد استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج ونشر المحتوى، تطرح تساؤلات حول الآثار طويلة الأمد لهذا التوجه.

فقد توصل مجموعة من الباحثين في المملكة المتحدة وكندا إلى أن استخدام المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة النماذج الأخرى في التدريب يتسبب في عيوب غير قابلة للرجوع في النماذج الناتجة. هذا العملية تسمى “الانهيار النموذجي “model collapse”، وتحدث عندما يبدأ الذكاء الاصطناعي في التعلم من البيانات التي تم إنشاؤها بواسطة النماذج الأخرى، مما يؤدي إلى تدهور النماذج مع مرور الوقت ونسيان التوزيع الأساسي للبيانات.

يمكن أن يؤدي هذا الانهيار النموذجي إلى زيادة الأخطاء في الإجابات والمحتوى الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي، وإنتاج تنوع أقل بكثير في إجاباته. وهذا يحدث عندما تتلوث مجموعة التدريب بالبيانات التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى تشويه تصور النماذج للواقع.

توصل الباحثون إلى أن هذا الانهيار النموذجي لا يزال يحدث، حتى عندما يتم تدريب النماذج لعدم إنتاج الكثير من الإجابات المتكررة. فقد وجدوا أن النماذج تبدأ في اختراع استجابات خاطئة لتجنب تكرار البيانات بشكل متكرر. ويمكن أن يؤدي هذا إلى تداعيات أكثر خطورة، مثل التمييز على أساس الجنس، أو العرق، أو سمات حساسة أخرى.

في النهاية، الانهيار النموذجي هو تحدي كبير يواجه الذكاء الاصطناعي والذي يتطلب البحث العلمي والتطوير لحله. ويتمثل الهدف منه هو ضمان تمثيل عادل لجميع الفئات والمجموعات الفرعية في البيانات لتجنب التشوهات والتحيزات في النماذج الناتجة.

المصدر:

The AI feedback loop: Researchers warn of ‘model collapse’ as AI trains on AI-generated content