القراءة العميقة والكتابة الأكاديمية

شدتني تدوينة في موقع (علم النفس اليوم) بعنوان (What You Read Matters More Than You Might Think) والتي تتحدث عن ارتباط تعمق الشخص في القراءة ونوعية ما يقرأ في قدرته على الكتابة. فقد أثبتت دراسات علمية أن الطلاب الذين يقرأون المقالات العلمية وما شابهها باستمرار يكتبون بأسلوب علمي عميق ومعقد، بينما أقرانهم ممن يقرأون في الروايات والقصص وغيرها يكتبون بأسلوب سطحي رتيب.

وقد ذكرت التدوينة*الفرق بين القراءة السطحية والقراءة العميقة” – حيث وضحت أحد الأبحاث مؤخراً الفرق بين القراءة العميقة التي تتميز بالبطء والانغماس في التفاصيل والتركيز الشديد بكل الحواس وإدراك كل المشاعر والقيم والتعقيدات الاخلاقية المرتبطة بما تقرأه، وبين القراءة السطحية التي لا تتعدى مجرد فك شفرات الحروف وفهم المغزى العام من الكلام. القراءة العميقة غالباً ما تكون مرتبطة بالنصوص المليئة بالتفاصيل والإشارات والاستعارات والتشبيهات، تلك التي تستحث المخيلة وكأن القارئ موجود في قلب الحدث.”

بعدها اختتمت التدوينة بطريقتين للمساعدة على القراءة العميقة وذلك لتحفيز العقل على الكتابة بشكل أفضل، الطريقتان هما (1) قراءة الشعر و(2) قراءة الروايات الأدبية.

من تجربتي الشخصية في الكتابة الأكاديمية وممن أشرفت عليهم من الطالبات، مرت علي أطياف متنوعة من الكتابة الأكاديمية، فلا زلت أذكر تلك الطالبة التي تستخدم الأسلوب الروائي في كتابة الورقة العلمية، حيث كانت مدمنة قراءة روايات أدبية وأثر ذلك في أسلوب كتابتها الأكاديمية، وكنت أذكرها دوما بأن الكتابة الأكاديمية لابد أن تكون مركزة ومختصرة (Into the point) من دون “لت وعجن” واستخدام كلمات مبالغ فيها.

أيضا مرت علي طالبات يكتبون بأسلوب مقتضب وعام ويتوقعون من القارئ أن يحلل ما وراء النص ويفهم سياقه.

أكاد أجزم أن مثل هذه الأمثلة في الكتابة الأكاديمية نتيجة لتأثير “القراءة العميقة” في مخططها الذهني للكتابة، ولذلك نحرص دائما تعليم طالباتنا قراءة العديد من المقالات الأكاديمية ليس لتعلم منهجيتها البحثية فحسب بل من أجل الاستفادة من الأسلوب في الطرح والطريقة في الكتابة.

فنحن شئنا أو أبينا نتعلم بطرق غير مباشرة وما الكتابة الأكاديمية الجيدة إلا نتيجة للقراءت العميقة التي مررنا بها.

 

*يمكن الحصول على التدوينة مترجمة من قبل حسام الجنايني في موقع huffpostarabi.